الثلاثاء، 14 يونيو 2011

حمامة بيضا

لا أدرى لماذا صار هو هاجسى الأول كلما خلوت إلى نفسى يقتحم على خلوتى وفى عز لحظات فرحى ومرحى أتذكره يمرق ببالى واتناساه غاصبا نفسى على نسيانه

فى الآونة الأخيرة لم يفارقنى , فى كل وقت هو معى أثناء العمل فى البيت وأنا فى الشارع وأنا جالس إلى حاسوبى المحمول اتصفح الدنيا ويزداد تفكيرى فيه قبل نومى فيؤرقنى

ياليت أمى لم تلدنى

أنا الآن تخطيت عقدى الثالث بعامين مروا كسحابة صيف جل هذه الأعوام كان فى التعليم ستة عشر عاما أى النصف تماما والنصف الثانى: عشر سنوات من العمل المتواصل فانظر خلفى لأرى ماذا حققت وماذا أنجزت فلا اجد شيئا هى اعمال كسراب بقيعة أحسبه ماءا وست سنوات من الطفولة لا أذكر أنى كنت فيها سعيدا بيد أنى على الأقل لم أكن أحمل هذه الجبال من المسئو لية بالرغم من كونى منذ صغرى أحمل هم إخوة لكونى أكبرهم وأحمل هم أحلام وطموحات أب و أم يحدوهم الأمل بابن أكبر يرونه متفردا

بعد هذه الأعوام لا أسرة ولا أولاد ولا وظيفة أحلام تحققت بل إنى لأجدنى غريبا عن نفسى وحتى اللحظة لم أحظى بفهم ذاتى لذاتى يرضينى ويرضيها

غريبة أنت يا نفسى وكم أنت معقدة

هل لهذا علاقة بأزمة منتصف العمر ؟ لقد جئت مبكرة مأساتى

منذ أيام صحوت كعادتى مبكرا للخروج إلى عملى ونظرت فى المرآة ووجدت شعرة بيضاء فاضطربت وحدثت نفسى قائلا :

ويمر العام تلو العام تلو العام ...... فلا ندرى أنحمل عشقا أم موتا

فبعض العشق يكون الموت ....... وبعـض الـمـوت يكـون العشـق

بعدها بيومين وجدت شعرة أخرى بيضاء كانت تتوارى ــ خجلا أو مخافة أو تحسبا لأحاسيسى بعدما سمعت حديثى لأختها الأخرى لا أدرى ــ خلف أخوة حولها فى ريعان الشباب

متى و أين كانتا هاتين الشعرتين ؟ وهل كانتا هنا سابقا فى مكانيهما وأنا الذى لم ألحظ من غفلتى وجودهما ؟

ثم كانت المفاجأة الأكبر شعرة بيضاء فى ذقنى

الشعر البيض نذر ورسائل من الله باقتراب المشيب واقتراب الموت

بالنسبة لنا فى مصر مر أكثر من نصف عمرى الافتراضى هذا النصف الخالى من الأمراض والأسقام والمسئوليات كان معظمه طفولة ولعب ولهو وزينة , والنصف القادم هو نصف ذى هموم ومسئولية وانحدار نحو النهاية تتداعى على الإنسان الأمراض والعلل والمسئوليات ومشاكل الحياة والضغوط الحياتية

يأتى تذكر الموت وأول منازله القبر كيف لى أن ألج هذا المكان المظلم الموحش المقفر وحيدا بلا أنيس مجردا من ثيابى ومن كل أنعمى فى الحياة فقط الظلام والتراب والدود

غريب أمر الإنسانية كلها إلى زوال ولا يبقى إلا الواحد القهار

إن كان ذلك كذلك فما معنى الحياة الدنيا ما معنى القصور والأموال والأولاد والمناصب والشهوات هى حقا لا تساوى جناح بعوضة

الحياة الدنيا الفانية الزائلة مهما عمرت فيها ما هى إلا قنطرة إلى الآخرة ففيها الحياة الحقيقية هى الخلود الدائم

الخلود .. يالها من كلمة أتاملها ويصعب على فهمها أهى الاستمرار بلا نهاية ؟!

رحماك ربى بعقلى الضعيف

كلنا إلى القبور كلنا إلى الآخرة حيث دار القرار

يا ويح نفسى من لها ويا ويلى من تقصيرى فى حقك يا الله

أحدهم عبد الله طيلة حياته وعند حسابه قال أدخل الجنة بعملى فوزن له عمله فلم يرجح أمام نعمة البصر

فماذا أفعل أنا و أنا اللاهى المقصر فى حق نفسى إن كنت أريد لها خلاصا ؟

يا نفسى ... ليس لك إلا الله

جاءتنى رسالة على هاتفى المحمول ارتعشت حين قرأتها لا أدرى ممن أتتنى هى من رقم غريب أحسب صاحبها على خير أم هى الأقدار الإلهية فقد جاءت فى موعدها

تقول الرسالة :

كن لله كما يريد يكن لك فوق ما تريد

قد يتحول كل شيئ ضدك ويبقى الله معك

فكن مع الله يكن كل شيئ معك

إذا جعل العبد رضا الله همه

تكفل الله عنه كل ما أهمه

من فقد الله فماذا وجد

ومن وجد الله فماذا فقد !!

صدقت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;