الخميس، 2 يونيو 2011

الابتلاء بالمحبة

إن المتأمل لحالة المجتمع المصرى هذه الأيام يسؤه ما يرى وما يسمع فبعد ثورة 25 يناير نجد أن الواقع يصيب الفرد العاقل بالغثيان فأغلب فئات المجتمع إما غارقة فى جدل عقيم أو مغيبة بذاتها أو تم تغييبها وهى تلك التى كانت فى العهد السابق تتسم " بالأنامالية " ولا يوجد لديها الوعى الكافى لإدراك ما وراء الخبر وقراءة مجريات الأمور من حولها وكانت تدعى فى العهد السابق بأنها لا تمارس السياسة وذلك لجهلها بأنه : إن لم تمارس السياسة ..مارستك السياسة فظل قطاع كبير من هؤلاء لم يرتقى إلى روح الثورة وبقى كما هو محلك سر وما يردده ليس أكثر : وإحنا مالنا

وسأحاول هنا شرح ما أسلفته فى المقدمة فى ثلاث نقاط رئيسية :

1) صورة الواقع الحالى

2) محاولة للفهم

3) الطريق إلى الخلاص

أ‌) صورة الواقع الحالى

تجد الواقع الحالى للبلاد غير مبشر فالتخبط هو أبرز سماته ويغلب عليه الجدل فما ترانا نتحاور فى مشكلة أو مسألة تخص البلاد والعباد إلا ونهايتها تكون أحد أمرين إما عدم إتفاق وخناق وتنابز بالألقاب والعمالة والتخوين أو الإنتهاء إلى لاشيئ فنحن فى الحقيقة مغرمون بإعادة اختراع العجلة فبدلا من الاستبصار بأمم سبقتنا فى مجال الديمقراطية ترانا نرجع للخلف ونظل كما نحن فى المربع صفر وقد عشقناه

فلتنظر مثلا إلى الإعلام برامج حوارية بالساعات وصحف سودت صفحاتها بأخبار وشائعات وقنوات فضائية شغلتنا بلاشيئ ومواقع انترنت تطفح من فرط فجاجتها وفى النهاية تجد أكبر كمية من الأخبار الغير موثقة والغير معلومة المصدر ويتم نشرها اليوم وتكذيبها غدا أو بعد ساعة أو فى نفس العدد من الجريدة

فتارة فتاة مسيحية أسلمت وتزوجت شاب مسلم ومرة أخرى بفتيات تم الكشف عن عذريتهن اثناء المظاهرات وفوق كل هذا النظام السابق بكل رجاله فمثلا الرئيس السابق بصحة جيدة وسينقل إلى طرة وبعدها تكذيب لما ورد دون تدقيق فى نفس اليوم أو أقل وهكذا بدون أن ينظر الفرد مليا ليرى من وراء هذه الشائعات وما فائدتها

وكذلك غياب الرؤية فقلما تسمع لشخص عنده أجندة محددة بخطوات مدروسة لمصر ما بعد الثورة أو أن أحدهم قد قال ما رؤيته لمصر بعد خمسين أو على الأقل عشرين عاما من الآن

فهل هذا منطق منطق دولة ؟ نحن لا ندرى إلى أين نحن ذاهبون !!

إنها كارثة حقيقية وكأن الذى مازال يسيطر علينا حتى الآن هو مبدأ القبيلة

مسألة أخرى وهى غياب الرمز مع كل هؤلاء الذين يملؤن الدنيا ضجيجا ومع كل هذا الثراء فى المجتمع المصرى بكثير من الشخصيات المحترمة إلا أنه قلما تجد شخصا تجتمع عليه أغلبية معينة فمنا من هو مع البرادعى ومنا من إذا ذكر الرجل أمامه انتفخ وكال له من التهم ما يليق منها ومالا يليق ومنا من هو مع عمرو موسى ومنا من ضده لكبر سنه أو لأنه من بقايا النظام السابق ومنا من هو مع أيمن نور أو حمدين صباحى وقد لا تجد الكثيرين له حامدين وهكذا وهذه مسالة خطيرة وهى غياب الرمز او الشخصية الملهمة التى يجتمع عليها أغلب طوائف المجتمع ويكون لنا معينا أو له كاريزما و قيادة

وكذا كثرة التيارات وهذا بالطبع شيئ جميل ولكن ما يؤرقنى حقا هو عدم وجود أدب الاختلاف فكما قلت سابقا جدل عقيم يفضى للاشيئ وخصوصا أن هناك بعض الجماعات التى لا تعترف بمبادئ معينة مثما نرى فى الجماعات السلفية والجهادية أو حتى الإخوان المسلمين

من منا يصدق أن هناك حدا فى الإسلام بقطع الأذن ؟ ومن الذى أعطى هذا الشخص الولاية لتطبيق حدود الله ؟ ومن أنت حتى تكون أكثر منى فهما للنصوص ؟ إن هذا أمر عجيب !!

ب)محاولة للفهم

على قدر فهمى وجهدى وما آتانى الله أحاول أن أفهم هذا الواقع البائس فأجد أسبابا ثلاثة :

1) النظام السابق وطوال فترة حكمه أدى إلى انتشار اللامبالاة والرشوة والإتكالية وحب الغنى السريع دون مجهود وغياب القدوة حتى أن أغلب الشباب مثله الأعلى لاعب كرة أو مطرب ومع طمس دور العلم والعلماء ورفع أصحاب الأقدام على أصحاب الأقلام وانتشار ثقافة الفهلوة وسياسة " اخطف واجرى " وما أنتم أعلم به منى

2) ادمان الواقع : بسبب طول فترة الحكم السابق واستبداده وانتشار الثقافة السابق ذكرها فى (1)هناك أجيال بأكملها ولدت ونشأت فى عهده فرأت ما رأت وظنت أن هذا شيئ صحيح مثل جيلى الحالى أو من هم أصغر من مواليد فترة الثمانينيات ولدوا ونشأوا فى جو ملوث بالفساد وخراب الذمم واستغلال النفوذ فقلما تجد أحدهم فى وظيفة أحلامه أو على الأقل قد وجد وظيفة ومن وجدها منهم تكسرت عليها أحلامه من زواج وأسرة ومركز إجتماعى وسيارة وكان الواقع المجتمعى عليهم شديد القسوة وخصوصا المثقفين المهمومين بينهم أو من على شاكلتى كما أقول "مشكلتى فى دماغى "

3) وهم امتلاك الحقيقة المطلقة

وهنا استعير تعبير الفيلسوف الكبير د/ مراد وهبة

إذا تحدثت إلى أى شخص فى مصر تراه يتكلم وكأنه هو الوحيد الذى بيده مفاتيح الحكمة وأن الله آتاه ما لم يؤت أحد من البشر وتكتشف فى النهاية أنه لا يعرف إلى الحق سبيلا ,إذا ركبت وسيلة مواصلات تجد الناس وكأنهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم وحقيقة الأمر هم أكثرهم للحق كارهون ولا له على أنفسهم يطبقون , إذا مشيت فى الشارع أو إذا دخلت إلى أحد المحال أو نطق لسانك بأى شيئ تراه أمامك يلبس قميص العلماء وعمامة الفقهاء وتنتفخ أوداجه وتحمر عيناه ويبدأ فى الوعظ وهو من يكون هو ؟ هو لا شيئ أجوف مثل الطبلة تملأ الدنيا ضجيجا ومن الداخل خواء

جـ) الطريق إلى الخلاص

*لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ــ قرآن كريم

*الخلاص ينبع من الداخل ــإنجيل مقدس

*لعمرك ما ضاقت أرض بأهلها ...ولكن أحلام الرجال تضيق ــشعر

ماذا تنتظر منى أن أقدم لك الخلاص فى كوب الماء مذاب انظر إلى ما كتبته وستجد فيه الخلاص

إخوانى المصريين

لست بخيركم ولا وليت أمركم ولكنى ابتليت بمحبتكم ولهذا كتبت ما كتبت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;