السبت، 17 سبتمبر 2011

فلما كان ما بعد علامة الـ (=) متساوى فلا داعى للقلق

عندى اعتقاد وقناعة تامة بأن البشر جميعا متساوون فى مسألة الرزق ولكن للأسف أن أغلب الناس يضيقون بأنفسهم ذرعا ويقول رب أهانن حين تضيق عليهم أموالهم ظنا منهم بأن الرزق هو فقط المال وبالتالى الزيادة فى الرزق معناها الزيادة فى الأموال ولكن صاحب النظرة العميقة الفاهمة لمعنى الرزق الواعية لكل مشتملات الكلمة ــ وأعتقد أن الكثيرين منا كذلك ــ يدرك بأن الرزق ليس فقط المال ولكن أيضا الصحة رزق والزوجة الصالحة رزق والأولاد الصالحون رزق والوقت ــ وهوشيئ مهم جدا ــ رزق والبركة فى العمر رزق وقبول الناس رزق والسعة فى السكن رزق , السكينة فى القلب رزق , العلم رزق , العقل رزق وهكذا بما لا تطيق معه من الفضائل حصرا

إذاً كيف يحدث التساوى بين العباد ؟!

المسألة بسيطة فإذا قيمنا كل صورة من صور الرزق " المال , الزوجة , الأولاد, الصحة....." على مقياس من عشر درجات نجد أن المجموع النهائى لحاصل الأرزاق مجتمعة رقم واحد ثابت لكل البشر

مثلا شخص غنى يأخذ تسع درجات من عشر درجات على مقياس المال وآخر فقير يحصل على درجتين فقط على نفس المقياس ولكن تجد الغنى يحصل على درجتين أو ثلاث من عشر درجات على مقياس الصحة فى حين أن الفقير يحصل على ثمانى أو تسع درجات , الغنى يحصل على سبع درجات فى مقياس صلاح الزوجة ودرجات أربع على مقياس صلاح الأولاد ولكن تجد الفقير أبناءه صاروا علماء يخلد ذكرهم

إذاً يكون مجموع الأرزاق = رقم ثابت لكل البشر لماذا ؟ لأنه :

" وما ربك بظلام للعبيد " ولأنه " وما يظلم ربك أحدا "

لأن الله هو الحق العدل فلولا كلمة سبقت من ربك لاختل ميزان العدل واختل ميزان الكون

إذاًهناك علاقة مابين الرزق والعدل وذلك بمنتهى البساطة لأن التساوى فى توزيع الأرزاق هو عين العدل وهى ــ العدالة فى التوزيع ــ ما تقوم بسببه قيامة البشر وثوراتهم

ولأن العدل لا مجاملة فيه ولا تحكم إلا للموازين القسط فإن المرأة المعصوبة العينين الممسكة بالميزان الحر هى رمز العدالة المجردة وإذا تحقق العدل تحقق اتزان الكون ككفتى الميزان ولذلك العدل أساس الملك كما قال ابن خلدون

ليس معنى كلامى التواكل والارتكان والكسل وذلك لأن الرزق مقسوم وأسبابه أيضا مقسومة فإن السعى من أهم مسببات الرزق لأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة فالعمل ضرورى والسعى مطلوب والجد فى السعى مطلوب أكثر والسبب بسيط جدا وهو :

نحن على الأرض ونحن مطالبون بالسعى وعمارة الأرض لأن الحياة الدنيا لها أسبابها الأرضية فمثلا إذا أراد المسلمون أن يكتشفواعلاجا لمرض عضال كالإيدز وجئنا بأتقى رجل فينا ليدعوا الله فأنى يستجاب له فلا هو ولا نحن أخذنا بالأسباب ولكن إذا جاء عالم ودخل معمله وجد واجتهد فسيكشف له الله من علمه العلاج حتى ولو كان هذا العالم كافراً لا يدين بملة من الأديان السماوية ويسجد لصنم أصم فى آخر الليل فالدنيا لها أسبابها الأرضية من أخذ بها فلح ولهذا السر فى العمل ... العمل ولهذا قال الإمام حسن البصرى رضى الله عنه :

علمت أن عملى لن يقوم به غيرى فاشتغلت به وحدى

وعلمت أن رزقى لن يأخذه غيرى فاطمأن قلبى

الله الله على هذا الفهم

وبما أن لنا فى الطير والحيوان آية فهناك قصة مشهورة لنملة قد سألها سيدنا سليمان عليه السلام عن كفايتها من الطعام لمدة عام فقالت حبتى قمح فحبسها فى زجاجة ومعها مؤنة العام ولما انقضى العام جاءها سيدنا سليمان فوجد أنها قد أبقت على حبة من الحبتين فلما سألها لم ادخرتها أجابت :" كانت تكفيني حبتين وكان الله لا ينساني ويرزقني، أما عندما صار رزقى عليك ولم استطع أن أخرج فأكلت حبة وأدخرت حبة ثانية لأعيش بها قدر المستطاع حتى لا أموت، وخشيت أن تنساني "

للأسف فساد الأنظمة يؤدى إلى السخف الفكرى والإهتزاز الثقافى فيحدث رفع أصحاب الأقدام فوق أصحاب الأقلام , ورفع أهل البطون فوق أهل الرأى والعقول وبالتالى غياب القدوة عن الشباب فصارت أحلام الشباب أن يكونوا من مشاهير الكرة أو الفن أو أن يصير من رجال الأعمال والذين ظهر بأن أكثرهم لأموالنا سارقون

اعلموا بأن السعة فى المال ليست معناها رضا الله فالمولى يعلم أن منا من صلاحه فى غناه ومنا من صلاحه فى فقره وإذا أردتم دليلا فابحثوا عن " حمامة المسجد " !!

ولا تحسبوا أنى بكلامى هذا أقول لكم كونوا فقراء أو لا تطلبوا المال فإننى مثلكم أحب المال ولكنى أطلب من الله أن أجد المال عند الحاجة إليه فلا تمتد يدى لأحد بالإستدانة فإنها مذلة بالنهار ومؤرقة بالليل ولكنى أقول : اعمل ما عليك , توكل على الله قم بعملك ثم دع الباقى على الله مع قليل من القناعة فلا داعى للقلق لأن كل ما بعد علامة (=) متساوى

هناك تعليق واحد:

  1. كلام في منتهى الموضوعية ، خذ عندك مثلا ً أحد الأشخاص الذين لديهم طموح سياسي ولديه أموال طائلة نديله تسعة من عشرة في مقياس المال ، وهو الآن ينفق هذه الأموال ليلا ً نهارا ً من أجل أن يكسب احترام ومودة الناس ولكنه مازال غير مقبول ولا يحظى بأي إحترام ، نديله واحد على مقياس حب الناس ، بينما تجد أحد الأشخاص الذين لا يملكون واحد على الألف من أموال ذلك الشخص الأول ، نديله واحد في مقياس المال ، ولكنه محبوبا عند الناس ويحظى باحترامهم ولو دعاهم لأجابوه ، نديلة تسعة على مقياس محبة الناس ، ألا ترى أنهم متساوون ؟!

    ردحذف

;